– لغط ساد الشارع المغربي، تحول إلى صدى عالمي مع قرب بداية كأس أمم إفريقيا 2022 بالكاميرون. قصة كانت شخصيتها الرئيسية موهبة برشلونة وابن اللامسيا عبد الصمد الزلزولي، الذي لم تقتصر مشاركته مع الفريق الأول في برشلونة سوى مباريات معدودة، قبل أن نرى اسمه بين اللاعبين الذين قرر مدرب المنتخب المغربي وحيد حليلوزيتش استدعاءهم للعرس القاري بالكاميرون. قرار، قسّم الرأي العام لنصفين، بين معارض ومؤيد. دام الجدال واحتدم النقاش، حتى المنعرج الذي أعلنته وكالة الأنباء الإسبانية، ثم أكدته صحف إسبانيا، بقرار الزلولي عدم قبول دعوة أسود الأطلس، ونية انتظار دعوة “لاروخا” لتمثيل المنتخب الإسباني. خبر لم يؤكده أو ينفه الزلزولي، إلّا من إشارة خفيفة عبر حسابه عبر انستغرام، بحذفه لوصف “لاعب للمنتخب المغربي”، واكتفائه بالعلم المغربي، دلالة على هويته وأصله القادم من قلب مدينة بني ملال المغربية.
– الحقيقة، وقبل توجيه أصابع التخوين أو الاستنكار لعبد الصمد الزلزولي، يجدر بنا مساءلة الجامعة الملكية لكرة القدم، والمدرب حليلوزيتش بشأن هذا القرار. فاستدعاء اللاعب الشاب بين عشية أو ضحاها، يطرح تساؤلات حول جدية مشروع المنتخب المغربي بقيادة المدرب البوسني. هل يستدعي المدرب أسماءً لكأس إفريقيا دون أي مباريات ودية، أو معرفة لمدى جدوى اللاعبين والإضافة التي بالإمكان تقديمها؟ الزلزولي بالكاد لعب مباريات مع البارسا، فكيف يرى السيد وحيد أن ابن العشرين سنة قد بات جاهزًا لخوض بطولة معقدة، تعتمد على القوة البدنية والخبرة أكثر من الحاجة للمهارات الفردية، أو الجمل التكتيكية المنظمة؟ حليلوزيتش وضع عبد الصمد في موقف محرج، بين ضغط الشارع المغربي من أجل “تلبية نداء الوطن”، وبين طموحه الشخصي وسعيه الخاص لتأكيد مركزه في مشروع مدرب البارسا تشافي هيرنانديز الذي لم يصل بعد للتشكيلة المثالية التي بإمكانها أن يعيد بها الكتلان لمصاف كبار أوروبا. كان الأجدر بحليلوزيتش أن يرحم عبد الصمد ويعفيه من هذا الجدال البيزنطي، ويركز أكثر على منظومة المنتخب المغربي التي لا تزال فاقدة للهوية. لم يسبق للاعب وحده أن فاز بكأس إفريقيا، ولا أرى اليوم محمد صلاح، أو ساديو ماني، أو رياض محرز لوحدهم قادرين على جلب اللقب لبلدانهم. فهل سننتظر من الزلزولي أن يفعل ذلك؟
– نقطة ثانية، نوجهها للشارع المغربي. عبد الصمد هو ابن المغرب، ولايزال يلعب في البارسا حاملًا علم المملكة المغربية. فلا داعي لخطابات التخوين أو الاستنكار على الزلزولي حتى وإن اختار المنتخب الإسباني. دعونا نكن واقعيين قليلًا، بعدًا عن حماسة الوطن، والاندفاع دون تحليل الواقع جيدًا. يعلم الله وحده، حجم الضغوطات التي يتعرض لها اللاعب الشاب من طرف إسبانيا لتمثيل منتخب لاروخا. فليضع كل شخص نفسه مكان عبد الصمد، بكل الضغوط (وبكل الحوافز التي تعرضها إسبانيا على اللاعب)، ثم ليسأل نفسه أتراه يصمد أمام هذه الأمواج العاتية.
– نقطة ثالثة، نوجهها لعبد الصمد. مهما كان قرارك، فأنت مغربي ابن المغرب. كرة القدم تبقى مجرد لعبة، ولا حق لأحد في نزع انتمائك أو جنسيتك أو هويتك. ولكن، فكّر من سياق رياضي، وخذ من منير الحدادي عبرة، بعدما ضيّع نصف عشرينياته بين المحاكم والاستئنافات في معارك رياضية للعودة لتمثيل المنتخب المغربي، بعد دقائق معدودة لعبها مع المنتخب الإسباني، ثم يُتجاهل تمامًا، خاصة مع نزول مستوى اللاعب. اليوم، على عبد الصمد أن يسأل نفسه هل هو قادر على المنافسة مع فاتي، وفيران توريس، وأولمو، وبقية المواهب الصاعدة في إسبانيا؟ الخيار للزلزولي، ولنأمل أن يختار القرار المناسب. ومهما كان خياره، يبقى قميص المنتخب المغربي شرفًا لمن يحمله.
تعليق واحد
Pingback: الزلزولي مهدد بالخروج من برشلونة | Soccer Gooal