شئنا أم أبينا، فالمال يحكم كلّ شيء وليس كرة القدم وحسب، ولكنه في كرة القدم يكاد يكون كلّ شيء..
وإذا ما ألقينا نظرة فاحصة على ما هو الواقع الآن في كرة القدم السورية من نظرة مالية، وبين ما كانت عليه قبل بضع سنوات، فإننا نلحظ تغيّراً (ضوئياً) في الأرقام والمبالغ التي يتقاضاها اللاعبون والمدربون والحكام والإداريون وغيرهم من مفاصل اللعبة، لكن إذا ما قورنت هذه المبالغ بما يدفع في دوري درجة ثانية في أي بلد مجاور فهي قليلة، وهنا تكمن المشكلة..
على محورين متناقضين من جهة، ومتلاقين من جهة أخرى، أثّرت هذه المسألة سلبياً على مستوى الدوري السوري والذي تراجع كثيراً، وأُفرغ من نقاط قوته، حيث يقبل اللاعب السوري بأي عرض خارجي لأن مردوده المادي أكبر بكثير مما سيتقاضاه في الدوري السوري، وبنفس الوقت أُغلق الباب أمام استقدام لاعبين أجانب، بسبب ضعف الإمكانيات المادية، وهذا أيضاً أثّر سلبياً على الدوري السوري.
هذا التأثير انسحب على مستوى المنتخبات الوطنية، لأنه لا اللاعب الذي يلعب في سورية يتطور مستواه لغياب المنافسة الحقيقية، ولا اللاعب الذي يلعب خارج سورية يفكّر كثيراً بمستواه أو في تحديد خياراته من الأندية القوية، ويقبل بأي عرض، وينطبق هذا الأمر على المدربين أيضاً، وكلّ ذلك يصبّ في بوتقة المنتخب، والذي تراجع حضوره كثيراً، شأنه في ذلك شأن الأندية والتي تفشل في كلّ محاولاتها الآسيوية (خرج جبلة وتشرين من دور المجموعات ببطولة كأس الاتحاد الآسيوي، وخرج الجيش من الدور التمهيدي لبطولة دوري أبطال آسيا).
رقمياً يتقاضى اللاعب في سورية وسطياً من (10-70) مليون ليرة في الموسم الواحد (من 3-18) ألف دولار وهو رقم متواضع مقارنة بقيمة العروض الخارجية، لكنه كبير قياساً للدخل العام في سورية (أقل من ألفي دولار سنوياً).
تصحيح المعادلة يتطلب توفير مقدمات صحيحة، وثابتة، وقوانين تنظّم الاحتراف، بحيث يكون قريباً من أسعار الجوار، وحينها سيكون المردود الفني أفضل بكلّ تأكيد.